ترامت إلى أسماعنا جميعًا عِبارات من مثل: “جيل السّمن البلدي” أو “الدّهن في العتاقي”، أو حتّى أنك قد تكون كررت تلك الكلمات والعبارات بنفسكَ، اعتقادًا منك أنك مهما بلغت من الصحّة فلن تصل إلى الجيل السابق الذي كان ينعم بهواءٍ طَلق أقلّ تلوثاً من عوادم السيارات وبازدحامات أقل، ما كان يجعل آباءنا وأجدادنا تحت ضغوطٍ نفسية ومعاشيّة أفضل بظننا.
هذا الاعتقاد الرّاسخ بأن الماضي أفضل دائمًا، يجعلنا في كثير من الأحيان أسرى لحالة نفسيّة نطلقُ عليها اسم النوسالجيا.
والنوستالجا nostalgia هي عبارة يونانية بالأصل، تعني “ألم الشّوق”، كان استخدامها سابقًا ينحصر في وصف المشاعر والعواطف التي تنتاب الجندي وهو بعيدٌ عن دياره، أو حنين المغترب لساحات طفولته ولموطنه، غير أنّ اسخدام تلك الكلمة توسّع في عصرنا ليصفَ تلك الضلالات النفسية التي تصيب أفرادًا أو شعوبًا بكاملها لتجعلهم يظنون بأنّ الخير كل الخير هو في الماضي فقط، وأن الحاضر والمستقبل لا يمكن أن يكون كما الماضي التليد.
نعم قد تكون النوستالجيا رائقة وبديعة عندما تحمل لنا تلك المشاعر الوطنية لتدعونا للدفاع عن أرضنا المحملة بعبق ماضينا وتاريخا، أو للتمسك بديننا وتراثنا وعاداتنا الأصيلة. بيد أن هناك شعرة تحيل النوستالجيا إلى ضلالة نفسية، عندما تتحكّم بعقولنا لتجعلنا رافضين لكلّ ما هو حديث دون مُبرّر منطقي وبشكلٍ يتعارض مع حقائق الأبحاث العلمية.
بالعودة إلى موضوعنا وعنوان مقالنا عن العُمر المُتوقّع للإنسان المصري، هل تعتقد بأنه أكثر الآن أم قبل عشر سنواتٍ مثلاً؟
يوجد في مدينة سياتل الأمريكية معهدٌ بحثي اسمه “معهد القياسات الصحية والتقييم” يُعنى بتقديم دراسات وأبحاث وإحصائيات صحية على الصعيد الدوليّ. يقدم معهد القياسات الصحية والتقييم إجابات واضحة لسؤالنا عن العمر المتوقع للمصري وتغيره مع تقدم الوقت. هذا المخطط يضع إجابة لا ريب فيها:
تشير الأرقام بوضوح إلى تحسّن عمر المصري المُتوقع عن الأزمنة الماضية بشكلٍ ملحوظ، فعمر المرأة المصرية المتوقع زاد من 67،3 سنة في عام 1990 ليبلغ 74،4 سنة عام 2017. وعلى ذات المِنوال زاد عمر الرجل المصري 63،4 سنة في عام 1990 ليصل إلى 68 سنة في عام 2017.
ما هي الأسباب الرئيسية لموت المصريين؟
علاوة على المخطط السابق، قدم معهد القياسات الصحية والتقييم أرقامًا للأسباب الرئيسّة لموت المصريين، وقد جاءت ترتيبها كما يلي لعام 2017:
- الجلطات القلبيّة
- الجلطات الدماغية
- تليّف الكبد
- حوادث السيّارات
- التهابات الرئة
ليست هناك تعليقات